حوَارٌ لا صدام

حوَارٌ لا صدام

بقلم: أيمن عقيل

أثناء تصفحي لموقع فيسبوك، عثرت على نظرية في الاقتصاد السلوكي تُعرف باسم "لعبة الانذار“.

والنظرية باختصار عبارة عن تجربة فيها شخصين يَمْنح شخص واحد منهم ويٌسمي ( اَلْمُعْطِي ) مبلغ 100 دولار. ويطلب منه أمران ليفوزوا سويا بالمئة دولار . الأول: منح الشخص الأخر ( المسٌتقبل) 50 دولار أي نصف المبلغ، أما الأمر الثاني فمنح الشخص الأخر أي مبلغ يفوق عشرة دولارت، ولا يزيد عن 50 دولار، وفي هذه الحالة يجب أن يقبل الشخص المستقبل العرض حتي يفوزوا سويًا بالمبلغ.

وهذه التجربة أثبتت أن جميع الأشخاص المستقبلين الذين خضعوا للتجربة يرفضون أي مبلغ يقل عن 50 دولارا يقدمه الشخص المعطي، رغم إن قبول أي مبلغ سيحقق مكسبًا للطرف المستقبل، لكنهم يرفضون اعتقادا منهم أن العرض غير عادل. يٌعد هذا التصرف من وجهة نظر الاقتصاد السلوكي تصرف غير عقلاني.

ورغم اطلاعي المحدود بعلم الاقتصاد إلا إني أجد إن هذه النظرية تتشابه مع تعامل البعض في حياتنا المعاصرة مع قضايا حقوق الإنسان سواء كانوًا دول أو منظمات ، وفكرتهم هو إن لم تقدم لك حكومات الدول النامية " سيف المعز وذهبه" فأرفض الحوار معهًا وهدد بفرض عقوبات ومنع المساعدات، رغم إنه من البديهي إن المكاسب تأتي تدريجيا، وإنه يمكن البناء علي المكاسب التي تتحقق في حقوق الإنسان لحين الارتقاء بجميع الحقوق والحريات الأخرى. حتي العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قال في المادة الثانية منه إن الدول مطٌالبة بضمان تمتع مواطنيها تدريجيًا بالحقوق الواردة في العهد. أي إن العهد الدولي نفسه الذي صادقت عليه 171 دولة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، طالب بالإعمال التدريجي للحقوق، لذلك مازلت متمسك بوجهة نظري علي أن الحوار لا الصدام هو النهج الأمثل في التعامل مع الحكومات عند النقاش بخصوص قضايا حقوق الإنسان، سواء كانت حقوقا سياسية أو اقتصادية واجتماعية. وإن البناء علي ما يتحقق في قضايا الحقوق والحريات، يمكن أن يجعلنا جميعا نعيش في عالم يحترم الإنسان والإنسانية .

وأعطي مثالًا حيًا بالحوار الوطني في مصر الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل 2022 وهي تجربة تؤدي إلى أثار إيجابية خاصة بعد إحالة الرئيس السيسي مخرجات المرحلة الأولي من الحوار إلى الجهات المعنية بالدولة لدراستها وتطبيق ما يُمكن منها في أغسطس 2023.

ومن المتوقع أن تستأنف المرحلة الثانية للحوار الوطني في الأسابيع القادمة حيث دعًا الرئيس بعد إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية إلى استكمال الحوار الوطني، حيث يتسع الحوار لمزيد من المشاركين من أصحاب المصلحة ، ومن هنا أشجع جميع الدول وخاصة دول الشرق الأوسط علي فتح الحوار مع المنظمات الحقوقية والمحلية والدولية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان .

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *