سأقدم لكم عَرضًا لا يمكن رفضه

" سأقدم لكم عَرضًا لا يمكن رفضه"

بقلم: أيمن عقيل

ينطق دون فيتو كورليوني، في الفيلم الشهير "The Godfather"، الذي يؤدي دوره الممثل اللامع مارلون براندو، العبارة الشهيرة: "" سأقدم لكم عَرضًا لا يمكن رفضه"". تشير مراجعات الأفلام إلى أن براندو كان يقصد من هذا البيان أن ينقل أن متلقي العرض ليس لديه خيار سوى قبوله من أجل بقائه على قيد الحياة.

تذكرت هذه العبارة التي قيلت في واحد من أعظم أفلام السينما العالمية وأنا أشاهد سيل العروض والمبادرات والمقترحات التي تقدمها أطراف مختلفة للوصول إلي حلول ووقف لإطلاق النار في قطاع غزة. فيتغاضي صانع القرار الأمريكي عن وقف دائم لإطلاق النار وبدلا من ذلك يقترح هدنة لمدة ست أسابيع تتضمن إستعادة الرهائن في أحدث عروضه ويتفق مع إسرائيل فإن هزيمة حماس هدف مشترك.

بينما تريد حركة حماس اتفاقا يضمن وقف دائمًا لإطلاق النار مع ضمانات اشترطت بحسب تقارير مختلفة أن تكون مصر وروسيا وقطر والولايات المتحدة وتركيا، ضامنة لتنفيذ الاتفاق. أما اسرائيل فلديها أهداف معلنة في حربها علي غزة تتمثل في إعادة الرهائن وتفكيك البنية التحتية العسكرية لحركة حماس، بينما الأهداف غير المعلنة هو استغلال ما حدث في السابع من أكتوبر لتصفية القضية الفلسطينية ودفع الفلسطينيين نحو الهجرة القسرية. وتريد السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وفقا لحدود عام 1967 وتكون عاصمتها القدس الشرقية. ومع تقديري لجميع هذه العروض والمقترحات والرؤي الذي قدمها الفاعلون المرتبطين بالقضية الفلسطينية. لكن يبدو أن كل طرف يبحث عما يهمه فقط، تريد حماس عرضا يمنحها الاستمرار في غزة وتريد السلطة الفلسطينية عرضا يمكنها من حكم دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة معا. وتريد إسرائيل القضاء علي حماس وجعل غزة منزوعة السلاح وترفض أي مقترح لإقامة دولة فلسطينية موحدة. يريد الجميع ما يتوافق مع مصالحهم ويرفضون أي تنازلات للوصول إلي حل نهائي وشامل بالفعل.

فهل من الممكن أن يكون الحل الذي لا يمكن أن يرفضه أحد هو توافقا بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بمعنى أوضح هل يمكن أن يتفق الفلسطينيون علي قيادة سياسية واحدة تكون جاهزة لقيادة الدولة حال تم الاعتراف بها. هل تقبل إسرائيل أن ترى دولة فلسطينية موحدة، حتي لو كانت قيام هذه الدولة سيجعل إسرائيل آمنة. الأكثر من ذلك هل ترغب إسرائيل في رؤية اتفاق بين فتح وحماس يفضي إلى مصالحة دائما بينهما. أشك في ذلك.

كان دون فيتو كارولوني رجلا حكيما بحسب الفيلم، وصورة المخرج في بداية الفيلم بأنه مهتم بتوزيع الخدمات بعدالة أكثر من اهتمامه بتدمير الحياة. وكان يثق في توم هاغن المستشار القانوني لعائلة كارلولوني، وكان هاغن يؤمن أن المشاكل يمكن حلها بالمفاوضات لا القوة. ورغم إن وجهة نظر أخري تقول إن الدبلوماسية وحدها لا يمكن لها أن تدافع عن أمة ضد عمل عسكري إلا أن توازن القوى بين العائلات في نيويورك لم يحدث في الفيلم إلا بتوظيف الدبلوماسية والقوة معا في المفاوضات. لذلك اتخيل لو كان موجودا لقدم عرضا لا يمكن أن يرفضه أي شخص يريد أن يعم السلام والأمن منطقة الشرق الأوسط. والعرض هو دولة فلسطينية موحدة عاصمتها القدس الشرقية تحت قيادة سياسية فلسطينية واحدة، يعيش فيها الفلسطينيون بجوارهم الإسرائيليين آمنين، هل يمكن أن نعتبر هذا العرض حكيمًا ، خاصة أن من شأن رفض هذا العرض أن يبقى الصراع العربي الإسرائيلي قائما ويجعل الشرق الأوسط في حلقة مفرغة من الأزمات وعدم الاستقرار. كبركان قابل للانفجار في أي وقت.

.

.

اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مشار إليها *